• عدد المراجعات :
  • 1185
  • 5/29/2011
  • تاريخ :

من هو صاحب الرسالة

الورد

لا يكون الانسان صاحب رسالة الا اذا كان له هدف واضح عام لا يبتغي من ورائه منفعة شخصية، بل يؤمن به ويدين، كمبدأ وعقيدة، ويعمل له، ويضحي في سبيله بكل عزيز، حتى بالروح والمال، ولا يتنازل عنه مهما كان الثمن، بحيث يكون هو الغاية، وكل ما عداه وسيلة له، وان تكون الخطة الى تنفيذه معلومة ومحددة بكل دقة.

فاذا لم يكن له هدف واضح، او كان، ولكن اراد به نفسه، او لم يرد الا الخير، ولكنه جهل الوسيلة اليه، او عرفها، ولكنه لم يعمل، بل اعتمد على الصدفة والقدر، اذا كان شي‏ء من ذلك، ثم ادعاها مدعٍ فهو كاذب، اما عظمة الشخصية وقوتها وصلابتها التي يجب ان يتمتع بها صاحب الرسالة فأمر يعود الى تنفيذ الرسالة، لا اإلى مفهومها وحقيقتها.

 

رسالات خاصة:

وقد وجد بكل عصرٍ واحد او اكثر توافرت فيه الشروط التي أشرنا اليها، ويعد بجدارة انه صاحب رسالة، ولكن الرسالات التي عرفناها كلها، او جلها تنحصر في نطاق خاص، وتتجه الى جهة واحدة لا تتعداها، وتستهدف فئة دون فئة، او امة دون امة، وأصحابها تماماً كالفلاسفة والعلماء المكتشفين الذين اختص كل واحد بالكشف عن نظرية تنسب اليه. واليك عدداً من أصحاب هذه الرسالات:

لم تستهدف رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عشيرة قريش دون غيرهم‏ ولا قومه العرب وحدهم، ولا الشرق فقط، بل استهدفت البشرية بكاملها عربها وعجمها في كل زمان ومكان، كما انها لم تقف عند الحياة الروحية وحدودها، او المادية وقيودها، او عند جهة، او جهات معينة، منهما، بل هي شاملة كاملة،

فمصدق صاحب رسالة ما في ذلك ريب، ولكن رسالته اتجهت الى تأميم النفظ الايراني، وشعارها نفظ إيران للايرانيين، والخطة التي رسمها للتأميم هي توليه الحكم، وبرناد شو صاحب رسالة، وتنحصر رسالته في العمل لتحسين المسرح الانكليزي، والخروج به من اللهو والتسلية الى مدرسة الحياة عن طريق التأليف، ووضع القصص التي تعبر عن شعور الناس وحياتهم ورغباتهم، وبرتراند راسل الانكليزي الفيلسوف المعاصر عمل للسلم عن طريق الكتابة والخطابة والتظاهرات، وغاندي ناضل لتحرير الهنود بعدم التعاون مع الانكليز، وداينلد دولشي الاديب الايطالي دعا الى بناء سد جاتو، وأضرب عن الطعام، الى أن قررت الحكومة الايطالية إنشاءه وبناءه، ولو مضينا في سرد الأسماء لملأنا صفحات وصفحات.

 

الرسالة الشاملة:

لم تستهدف رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عشيرة قريش دون غيرهم‏ ولا قومه العرب وحدهم، ولا الشرق فقط، بل استهدفت البشرية بكاملها عربها وعجمها في كل زمان ومكان، كما انها لم تقف عند الحياة الروحية وحدودها، او المادية وقيودها، او عند جهة، او جهات معينة، منهما، بل هي شاملة كاملة، تمتد الى جميع الجهات بشتى انواعها وألوانها في حياتنا هذه، وفي الحياة الثانية، بل تصدت الى تحديد الكون في بدايته ونهايته .. وان هذا الشمول برسالة محمد يستتبع بطبيعته امرين يترتبان عليه قهراً:

الأول: ان محمداً رسول من عند الله، اذ يستحيل على بشر ان يقوم بهذه المهمة، او يجرأ على ادعائها، والتعرض لها من تلقائه، وان بلغ من العلم ما بلغ، فضلًا عن كونه امياً لا يقرا ولا يكتب، وان جازف وخاطر وادعى مثل ذلك فمحال ان يكتب له النجاح، ويترك اثراً محمودا .. ان هذه المهمة او هذه الرسالة الشاملة الكاملة لا تكون ولن تكون الا ممن احاط بكل شي‏ء علماء ومحال ان تحيا الا اذا كان وراءها مدبر قدير، وعناية إله خبير، لذا اسند محمد رسالته الى خالق كل شي‏ء، عليم بكل شي‏ء، لا الى شخصيته وعقله وعبقريته، وأعلن لمن كان ويكون انه بشر يخضع لما تخضع له الناس، ويفعل كما يفعلون، وانه لا يملك لنفسه نفاً ولا ضراً، سوى انه رسول يوحى اليه، وانه لا يستطيع الاتصال بالله الا ان يشاء الله.

الأمر الثاني الذي يدل عليه شمول هذه الرسالة هو ان‏ محمداً خاتم النبيين والمرسلين، حيث لم يبق لمن بعده شي‏ء يحتاج الى بيان في جهة لحياتنا هذه، او للحياة الثانية، أي ان التجربة الدينية للانسان انتهت بكتاب الله الذي فيه تبيان كل شي‏ء جملة او تفصيلًا وبالشريعة السمحة التي كشفت عن أوامر الله وأحكامه، وسننه في خلقه، وكانت الشريعة الأبدية الخالدة يبلغها السابق اللاحق بدون حاجة الى رسول جديد.

واذا كان كل حكم نطق به محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكل بيان يتصل برسالته وراءه حقيقة عليا اوحت به اليه وجبت والحال هذه معرفة تلك الحقيقة، والايمان بها، والاذعان لها، وقد حدد الله سبحانه على لسان نبيه الطريق الى معرفته بالتفكير والنظر، وحدد الايمان به بكلمة التوحيد، وحدد الاذعان له بعبادته وطاعته فيما أمر ونهى.

وبين الله على لسان نبيه حقيقة توحيده وتنزيهه عن الاضداد والاشباه والانداد، بيّنها في ابسط معنى، واوضح مبنى يستوي في فهمه العالم والجاهل، والكبير والصغير، وهو كلمة لا إله إلا الله، مع الايمان بها، أي نطق باللسان، وتصديق بالجنان، وكفى ...

 

طريق المعرفة:

لقد اراد الله سبحانه أن يعرف بالوسائل البشرية المألوفة، وهي التفكير والنظر في خلق السموات والأرض، وما فيهما من عجائب وأسرار: «ان في خلق السموات والأرض لآيات للمؤمنين». «هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك الا بالحق ليفصل الآيات لقوم يعلمون».

ان الله جل وعلا يضع آياته امام عبده، ويقول له: انظر وتأمل، تماماً كما تعرض ما لديك من الأدلة على من جادلك فيما تعتقد وتدين .. ولا شي‏ء ادل على ذلك من هذا التفضل والتلطف في اسلوب هذه الآية الكريمة التي خاطب بها منكري البعث والنشر، قال عز من قائل: «يا أيها الناس ان كنتم في ريب من البعث فأنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة».

واذا لم يفرض الله دينه على الناس فرضا، فكيف ساغ للوهابية ان تقول: «يجب دعاؤهم الى التوحيد، فمن اقر سلم، والا فهو مباح الدم والمال والذرية». (تطهير الاعتقاد ص 35 و 36).

وبعد، فمن هو الضال المبدع في الدين الوهابية الذين أتوا بهذه المحدثات، او امة محمد؟.

 

التوحيد

وبين الله على لسان نبيه حقيقة توحيده وتنزيهه عن الاضداد والاشباه والانداد، بيّنها في ابسط معنى، واوضح مبنى يستوي في فهمه العالم والجاهل، والكبير والصغير، وهو كلمة لا إله إلا الله، مع الايمان بها، أي نطق باللسان، وتصديق بالجنان، وكفى ... ولو كانت حقيقة التوحيد غير هذه البساطة التي لا فلسلفة فيها، ولا صناعة، ولا اقيسة لما قبل النبي الاسلام من العجائز ورعاة الابل في الصحراء، وكان عليه قبل كل شي‏ء ان يهيي‏ء الناس بالعلم والدراسة لتفهم‏ الاسلام، ثم يعرضه عليهم، أو يأمرهم بالتعلم، حتى يبلغوا درجة الاجتهاد، ويستطيعوا استنباط التوحيد من كلمة لا إله إلا الله، تماماً كما هو الحال بالقياس الى استخراج الاحكام الفرعية الشرعية من ادلتها التفصيلية، مع العلم بأنه لا شي‏ء من ذلك، وهذا دليل قاطع على فساد ما قاله الوهابية من ان كلمة الشهادة لا تنفع، والايمان بها لا يجدي بدون قيودها الكبار الثقال التي لا يفهمها الا الخلص.

وبديهة ان الأصول الاسلامية ترتكز على الفطرة النقية الصافية الضرورية التي تشترك في معرفتها البشرية على السواء .. وبهذا يتبين ان كل ما اضافه الوهابية الى معنى التوحيد، وملأوا به الكتب والطوامير إنما هو بدعة وضلالة، وان البدع التي نعتوا بها امة محمد هم بها اولى، وهي بهم الصق ولايق.


زيارة القبور في الكتاب والسنّة

زيارة القبور في السنّة النبوية

هل هناك من علاقة بين عقائد الشيعة الإمامية وعقائد الغلاة ؟

أساس الإسلام حب أهل البيت عليهم السلام

مصادر الفكر الوهابي

الوهابية ومؤسسها

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)